مهارات التفاوض الفعّال

مهارات تساعدك لتصبح مفاوضاً جيداً

تُعد مهارة التفاوض من أهم المهارات التي يمكن أن يمتلكها الفرد في حياته العملية والشخصية. إذ تساهم هذه المهارة في تحقيق التفاهم، وتوسيع آفاق التعاون بين الأفراد، وتساهم في حل النزاعات بطريقة عادلة ومنصفة. يتطلب التفاوض الناجح العديد من المهارات الاستراتيجية والنفسية، إضافة إلى التحلي بالقدرة على التأثير والإقناع، مما يجعل الشخص المفاوض يتسم بالقدرة على التعامل مع مختلف المواقف بحرفية تامة.

في هذا المقال، سنتناول المهارات الأساسية التي ينبغي أن يمتلكها المفاوض الجيد والتي تساهم في تحسين قدرته على التفاوض الفعّال.

1. التحضير الجيد

التحضير هو الأساس الذي يعتمد عليه كل تفاوض ناجح. لا يمكن لأي مفاوض أن ينجح إذا دخل في عملية التفاوض دون فهم دقيق للموقف أو الأطراف المعنية. من أجل التفاوض بنجاح، يجب على المفاوض أن يقوم بجمع المعلومات الضرورية حول الموضوع محل التفاوض، وفهم احتياجات ومتطلبات الطرف الآخر، بالإضافة إلى تحديد الأهداف والتوقعات الخاصة به.

إن التحضير الجيد يتضمن دراسة عدة جوانب، مثل:

• تحليل الوضع الراهن: ما هي الحالة التي تجلبك إلى طاولة المفاوضات؟

• التوقعات: ما الذي يأمل الطرف الآخر تحقيقه؟

• استعدادات للطوارئ: ما هي الخيارات البديلة في حال فشل التفاوض؟

• البيئة التي تتم فيها المفاوضات: هل هي جلسة رسمية أم غير رسمية؟ هل هناك ضغط زمني؟

2. الاستماع الفعّال

من أكثر المهارات أهمية في التفاوض هي مهارة الاستماع الجيد. الكثير من المفاوضات تتعثر لأن الأطراف المعنية لا تستمع إلى بعضها البعض بشكل فعّال. عندما يُظهر المفاوض اهتمامه بما يقوله الطرف الآخر من خلال الاستماع بتركيز، فإنه لا يتعلم فقط عن احتياجات الطرف الآخر، بل يخلق أيضًا أجواءً من الثقة والتعاون.

الاستماع الفعّال يتضمن:

• التركيز الكامل: تجاهل التشويش أو المقاطعات والتركيز على الرسالة التي يحاول الطرف الآخر إيصالها.

• التفاعل مع ما يُقال: أظهر اهتمامك من خلال تقديم تعليقات أو طرح أسئلة توضح النقاط الهامة.

• قراءة لغة الجسد: بما أن جزءًا كبيرًا من التواصل يعتمد على لغة الجسد، فإن الانتباه لتلك الإشارات يمكن أن يساعد المفاوض في فهم ما إذا كان الطرف الآخر صادقًا أو غير مرتاح.

3. القدرة على الإقناع

المفاوض الجيد هو الذي يمتلك قدرة فطرية على التأثير في الآخرين بطريقة تحفزهم على اتخاذ القرارات التي تدعم مصالحه. لتحقيق الإقناع، يجب أن يعتمد المفاوض على مزيج من الأساليب العقلية والعاطفية.

القدرة على الإقناع تتطلب من المفاوض:

• استخدام الحقائق والأدلة: عند التفاوض، يعد دعم الموقف بحقائق وأدلة موضوعية من أهم الطرق التي يمكن أن تجعل الطرف الآخر يقتنع بما تقوله.

• الحديث بلغة فاعلة: اختيار الكلمات الصحيحة يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في كيفية تأثير الرسالة على الشخص الآخر. يجب أن يكون الخطاب مهذبًا وواضحًا.

• التركيز على المزايا المشتركة: عند محاولة إقناع طرف آخر، من المفيد التركيز على ما يمكن أن يربحوه من الاتفاق بدلاً من التركيز فقط على ما ستكسبه أنت.

4. التحلي بالصبر

في عالم المفاوضات، تُعد القدرة على التحلي بالصبر مهارة أساسية. قد لا يتم التوصل إلى اتفاق بسهولة، وقد يتطلب الأمر وقتًا طويلًا من النقاش والحوار من أجل الوصول إلى تسوية مرضية لكلا الطرفين. من خلال التحلي بالصبر، يمكن للمفاوض أن يتجنب التسرع في اتخاذ القرارات أو الاستسلام للضغط الذي قد يمارسه الطرف الآخر.

يعتبر الصبر عنصرًا رئيسيًا في التفاوض الناجح، لأنه يتيح للمفاوض الوقت اللازم لفهم جميع أبعاد الوضع واتخاذ قرارات مدروسة. كما أن الصبر يساعد في بناء علاقة احترام متبادل بين الأطراف، ويقلل من احتمالية اتخاذ قرارات متسرعة قد تؤدي إلى نتائج غير مرغوب فيها.

5. المرونة

المرونة من أهم المهارات التي يحتاج إليها المفاوض لكي يتمكن من تعديل خططه واستراتيجياته بما يتناسب مع سير المفاوضات. في بعض الأحيان، قد تطرأ تغييرات غير متوقعة في المفاوضات، مثل تغيّر موقف الطرف الآخر أو ظهور عقبات جديدة. عندئذ، يكون من المهم أن يتحلى المفاوض بالقدرة على التكيف بسرعة وتغيير استراتيجيته لتتناسب مع المتغيرات الجديدة.

المرونة لا تعني التنازل عن المبادئ الأساسية أو التراجع عن الأهداف، بل هي القدرة على إيجاد حلول بديلة تتوافق مع احتياجات الطرفين. لذلك، يجب على المفاوض أن يكون مستعدًا للتفاوض على بدائل وحلول أخرى، مما يساعد في تجنب الجمود وتحقيق نتائج مرضية لجميع الأطراف المعنية.

6. إدارة المشاعر

التفاوض ليس دائمًا عملية عقلانية فقط، بل يتضمن أيضًا جزءًا عاطفيًا. في بعض الحالات، قد تظهر المشاعر مثل الغضب أو الإحباط أثناء المفاوضات. المفوض الذي لا يستطيع التحكم في مشاعره قد يفقد السيطرة على الموقف ويؤدي إلى فشل التفاوض. على المفاوض أن يكون قادرًا على إدارة مشاعره بشكل جيد أثناء المفاوضات، سواء كان ذلك بالهدوء في المواقف الصعبة أو بالتعامل بلطف مع الطرف الآخر في لحظات التوتر.

إدارة المشاعر تتطلب:

• التحكم في ردود الفعل العاطفية: قد لا يكون مفيدًا إظهار الغضب أو الإحباط أثناء المفاوضات.

• التعامل مع ضغوطات الوقت: في بعض الأحيان، قد يكون التفاوض مرتبطًا بوقت ضيق، مما يزيد من مستويات التوتر. في هذه الحالات، يساعد التحلي بالهدوء على إتمام المفاوضات بنجاح.

7. القدرة على إيجاد حلول مبتكرة

المرونة يمكن أن تذهب إلى أبعد من مجرد التكيف مع الظروف. المفاوض الجيد يجب أن يكون قادرًا على الابتكار والتوصل إلى حلول جديدة وغير تقليدية، خصوصًا في الحالات التي تتطلب إيجاد تسوية بين مطالب غير متوافقة. البحث عن حلول مبتكرة قد يتطلب التفكير خارج الصندوق والقدرة على النظر إلى المشكلة من زوايا متعددة.

هذا النوع من الحلول يمكن أن يكون أساسًا لاتفاقيات طويلة الأمد، ويضمن للطرفين إرضاء احتياجاتهم بأكبر قدر من الفعالية.

8. إغلاق الاتفاق بذكاء

إغلاق المفاوضات هو الجزء الذي يحتاج إلى تركيز كبير. القدرة على إتمام الاتفاق بنجاح تتطلب توظيف ما تم تعلمه طوال المفاوضات بطريقة تضمن تحقيق أفضل النتائج دون إغفال أي من النقاط الأساسية.

الإغلاق الجيد يتضمن:

• التأكد من التفاصيل: قبل إنهاء التفاوض، يجب التأكد من أن جميع التفاصيل قد تم الاتفاق عليها بشكل واضح، وأن كل الأطراف على دراية بما عليهم القيام به.

• التحقق من التوافق: يجب أن يشعر كل طرف بأن التفاهم قد تم على أساس متبادل ويحقق مصالحهم المشتركة.

9. المثابرة

المثابرة تعتبر عنصرًا رئيسيًا في التفاوض. في بعض الأحيان، قد يكون التفاوض صعبًا أو معقدًا، ومع ذلك فإن المفاوض الجيد لا يستسلم بسهولة. المثابرة تعني الاستمرار في البحث عن حلول حتى عندما تبدو الأمور صعبة أو مستحيلة. يجب على المفاوض أن يظل إيجابيًا ومصممًا على الوصول إلى اتفاق مرضٍ للطرفين.

الختام

المفاوضات ليست مجرد عملية تبادل آراء وأفكار، بل هي فن يتطلب مهارات متعددة وتخطيطاً دقيقاً. من خلال تطوير المهارات المذكورة، يمكن للمفاوض أن يصبح أكثر قدرة على التعامل مع مختلف أنواع المواقف بفعالية، مما يساهم في تحقيق نتائج مرضية له وللأطراف الأخرى.